حقوق العمال والمتقاعدين ومكتسباتهم في تراجع ولا صوت لهم
يجب على الدولة التدخل وزيادة علاوات الدعم الاجتماعي
يهنئ قطاع النقابات العمالية والمهنية في المنبر التقدمي عمال البحرين وعمال البلدان العربية الشقيقة والعالم أجمع بذكرى عيد العمال العالمي الذي يمر علينا في فترة من أصعب الفترات التي يكابد فيها العمال وذوو الدخل المحدود أوضاعاً اقتصادية يسيطر فيها نمط النيوليبرالية ليجعل من حياة الطبقة العاملة في البحرين، كما هي في أغلب الدول الرأسمالية، تتردى من سيئ إلى أسوأ، كما يهدد مستقبل الأجيال القادمة بمنزلقات تفضي إلى الكساد والتراجع المعيشي غير المسبوق، ما يستدعي إعادة النظر في أوضاع التشظي التي تمرّ بها الحركة العمالية، ويدعوها لإعادة ترتيب أولويات المهام التي يتعين عليها التصدي لها.
إن الظروف التي يمرّ بها العالم، أثبتت أن الكادحين وفي طليعتهم الطبقة العاملة، هم من يدفعون ثمن أخطاء السياسات الاقتصادية المحكومة بالفساد وبالسعي لمراكمة رأس المال، وليس أدلّ على ذلك من جائحة “كوفيد – 19″، حيث تثبت الإحصاءات أن أعداد الوفيات في غالبيتها، هي في صفوف أبناء الطبقات الفقيرة، الذين لم يحصلوا على ما يلزم من رعاية صحية، في وقتٍ أصبحت فيه الجائحة فرصة ذهبية لمضاعفة الأرباح ورساميل الشركات التي عملت على إنتاج الأمصال وبيعها، ناهيك عن فقدان الآلاف من العمال والموظفين لوظائفهم ومواقع عملهم جراء إعادة تنظيم المؤسسات والشركات لهياكلها وسياساتها المالية بسبب هذه الجائحة.
وزادت الحرب الروسية الأوكرانية الطين بلة من خلال تأثيرها على الأسواق العالمية وارتفاع أسعار النفط والمواد الأولية والنقل، وهو ما انعكس على كل السلع الموجودة في السوق المحلي في أوطاننا، بما فيها وطننا البحرين، كوننا نستورد كل احتياجاتنا، وزاد التضخم وتضاءلت القدرة الشرائية للعامل والمتقاعد، ما يعني المزيد من تدهور أوضاعه الاقتصادية. ويجب هنا التأكيد على دعوة الدولة للتدخل لموازنة الوضع وذلك بزيادة الدعم الاجتماعي من خلال المداخيل الإضافية التي تجنيها جراء ارتفاع أسعار النفط.
وللأسف فقذ خذلنا غالبية النوّاب مرات عديدة من خلال إقرارهم لزيادة ضريبة القيمة المضافة والتي تستهدف المستهلكين، وفي مقدمتهم العمال والمتقاعدين، إلى جانب إقرارهم لتعديلات الحكومة على قانون التأمينات الاجتماعية ومرسوم إلغاء الزيادة السنوية. إن التعديلين السابقين لن ينتجا سوى مدّ قصير لعمر الصناديق التأمينية، وكان الأجدر بالحكومة الأخذ بتوصيات لجنة التحقيق النيابية ومرئيات مؤسسات المجتمع المدني والتي تعالج مكامن الخلل الأساسية من خلال:
تعديل السياسيات الاستثمارية للهيئة ورفع كفاءتها ووقف ساسية التنفيع من خلال الاستثمار في مشاريع لغير مصلحة الهيئة.
محاسبة الإدارات التنفيذية على فشلها وإرجاع الأموال المهدورة والمشطوبة من حسابات التأمينات وتبديل الإدارة الحالية بإدارة كفؤة وتمثيل أطراف الإنتاج بالتساوي في مجلس إدارة التأمينات، فحالياً يتمثل العمال المتخبون من قواعدهم العمالية بعضوين فقط من 15 عضواً.
إلغاء جميع القرارات غير القانونية التي أتخذت وتصحيح أوضاع المنتفعين بها مثل شراء سنوات خدمة لمسؤولي التأمينات وهم على رأس العمل بما يخالف القانون.
فصل تقاعد النواب وأعضاء مجلس الشورى وأعضاء المجالس البلدية عن الصناديق التقاعدية لعمال القطاعين العام والخاص، وتمويله من قبل الحكومة أو إلغائه بشكل تام بدلاً عن تحويل التزاماته على صناديق التأمين العامة، ما يعني تحميل المشتركين تكلفة تقاعد النواب.
وقف الهدر والتبذير في المصاريف الإدارية والتي تمت دون مبرر اقتصادي ودون مسوغ قانوني مثل الإنتقال الى مكاتب فخمة وباهظة الإيجار ورواتب عالية للتنفيذين في الهيئة والمكافئات السنوية.
وكنا قد قدّمنا مراراً وتكراراً عشرات المرئيات ولا نزال متمسكين بالحاجة إلى الرجوع إليها. ولا ننسى هنا أن نحيي مواقف النواب الذين وقفوا في صف ناخبيهم ورفضوا كل القوانين التي تمس بمقدرات المواطنين وعلى رأسهم كتلة “تقدّم” والتي كانت الصوت العمالي في مجلس النواب حاملة قضايا وملفات العمال في المجلس وخارجه.
دعوّنا في بيان العام الماضي للإلتفات لملف العمالة غير المنظمة والتي نقدرها بـ 25% من العمالة الوطنية وهو ما نرى فيه قنبلة موقوتة يجب تفادي مخاطرها قبل فوات الأوان، من خلال وضع برامج حماية اجتماعية تعالج الموضوع، وتجدر الإشارة إلى أن كتلة “تقدّم” النيابية قدّمت مشروعاً بهذا الخصوص لمجلس النواب وندعو جميع أصحاب المصلحة من نقابات واتحادات وهيئات مجتمع مدني للمساهمة في دعم المشروع حتى نراه على ارض الواقع.
لا زلنا نكرر سنة بعد أخرى، في عيد العمال، التأكيد على الحاجة لمراجعة شاملة لسوق العمل، فبعد عقدين من مشروع إصلاح سوق العمل، نرى النتائج أبعد ما تكون عن الأهداف المنشودة، وبالعكس صار وضع سوق العمل أسوأ بمراحل عما قبل المشروع، ونؤكد الحاجة إلى مراجعة أمينة وشفافة لوضع سوق العمل ورسم التوجهات المستقبلية بما يهدف إلى تحقيق وضع يقدّم مصلحة العمالة الوطنية.
تستمر وزارة العمل في اللعب على الأرقام وتحاول استغفال المجتمع والهرب من التحديات الحقيقية في ملف العاطلين عن العمل، فلا زالت تحتسب نسبة العاطلين عن العمل من خلال المسجلين في برنامج التعطل عن العمل فقط وليس المستعدين القادرين والراغبين في للعمل. ولا يخفى على أحد الوضع الذي وصلنا له من توظيف الكثير من الشركات للمسجلين في وزارة العمل، للحصول على دعم رواتبهم وثم فصلهم من العمل عند انتهاء فترة الدعم، كما تنضح البيانات المنشورة لمختلف الجهات بالتضارب في الأرقام.
وكمثال فإن وزارة العمل أعلنت عن توظيف أكثر من 25 ألف عاطل عن العمل في 2021، بينما تتحدث التقارير الإحصائية لهئة التأمينات الاجتماعة عن انضمام 6,820 مستجد، ما يعني أن ما يقارب 18,000 مواطناً على الأقل، وهم المسجلون في الوزرة، فقدو ا أعمالهم في 2021، وحصلو على وظائف جديدة، وهذا يشير إلى عدم استدامة العامل البحريني في عمله، بينما الوزارة توهم الرأي العام بأنها خلقت 25,000 وظيفة وفي ذات الوقت تشير البيانات ذاتها إلى 47,822 مستجد من غير البحرينين في سوق العمل، وهناك عشرات الأمثلة لعدم جدّية وزارة العمل والحكومة في التعامل مع ملف العاطلين عن العمل وهو أحد أهم شواهد الحاجة إلى مراجة شاملة لسياسات سوق العمل.
وبينما تتعاظم التحديات أمام الحركة العمالية نشهد استمرار تفكك الحركة النقابية وتشظيها وتراجع العضوية النقابية، بشكلٍ أدى إلى غياب تأثيرها وابتعادها عن القاعدة العمالية وقضاياها مما يستدعي تحرك يلملم ما تبقى من هياكل الحركة النقابية وكوادرها العاملة على أمل أن يرجع للحركة العمالية دورها ومكانتها في المجتمع، وذلك بإعادة اعتماد آليات العمل النقابي من خلال بناء نقابي سليم من القاعدة حتى القيادة. وهنا ندعو الحركة النقابية إلى حوار جدي يشمل جميع الأطراف من أجل تصحيح المسار وانتشال الحركة النقابية وإرجاعها إلى وضعها المنشود.
ختاماً، نستذكر ونحيي المناضلين العماليين التاريخيين الباقين والراحلين ونعدهم بمواصلة الدرب على مسارهم حتى تحقيق عالم أفضل للعمال والكادحين.
عاش الأول من مايو عيداً لعمال البحرين والطبقة العاملة في كل أرجاء العالم، ويوماً للتضامن مع العمال وكفاح الشعوب وفي مقدمتهم الشعب الفلسطيني في نضاله العادل ضد الإحتلال الصهيوني، ونجدد موقفنا القاطع ضد التطبيع، من أجل تحرر الشعب الفلسطيني وقيام دولته الوطنية المستقلة وعاصمتها القدس.
المنبر التقدمي – البحرين
1 مايو 2022